فلسطين منذ قديم الزمان تُعتبر موطنًا ومقصدًا للعلماء والصالحين؛ لما تشتمل عليه هذه البلاد المقدسة من الفضل والبركة التي حباها بها الله سبحانه وتعالى بكرمه وفضله.
والإمام علي بن سليمان الأذرعي من العلماء الذين جمعوا بين العلم وتولي القضاء؛ فهو ممن ولي القضاء في بلدان عديدة، وشأنه شأن كثير من الأئمة والعلماء، يُحب الرحلة والتنقُّل بين البلدان، ومن البلدان التي استقرَّ فيها قبيل وفاته دولة فلسطين، وهو قبل أن ينزل فلسطين كان قاضيًا ببلدان كثيرة، منها: طرابلس وعجلون وزرع ودمشق، وغيرها.
ولم يأت الإمام علي بن سليمان إلى فلسطين إلا وهو عالم إمام متقن، فقد كان مع كونه قاضيًا إمامًا شافعيًّا متقنًا، فقد أحسن الاشتغال بالعلم، ومن ثمار أعماله: أنه نظم كتاب "التنبيه" في أبيات شعرية بلغت ستة عشر ألف بيت وله جهود علمية أخرى كثيرة.
ومعلومٌ أن الإنسان حينما يقدم على بلد وهو إمام جليل لابد أن أهل هذه البلاد ينتفعون بعلمه، وهو ما حصل بالفعل على أرض الواقع؛ فقد انتفع الناس بعلمه، واستفادوا من خبرته في القضاء الذي تولاه لسنوات عديدة في أماكن متعددة.
ولأنه كان من أبناء القرن السابع الهجري الذي ازدهرت فيه الحركة العلمية في أنحاء الأرجاء الإسلامية كانت صبغته العلمية واضحة على تنقلاته بين البلدان، وهو نفس ما حصل في وقت وجوده في فلسطين.
ومن هنا نأخذ إشارة تفيدنا في واقعنا المعاصر وهي أن فلسطين كانت مهدًا للعلم والصلاح، ولعل أن الفرج والمخرج إن شاء الله من الأزمة الفلسطينية إنما ستكون بالعلم، والمعرفة، وإن ذلك من أهم الأسباب التي يجب أن يأخذ بها المسلمون والعرب وكل من تشغلهم هذه القضية العظيمة التي يتألم بسببها كل إنسان عنده أدنى أنواع الإنصاف.
وقد مات الإمام علي بن سليمان الأذرعي الشافعي في فلسطين، ودفن بها، وكانت وفاته رحمه الله بالرملة يوم الجمعة الثالث والعشرين من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثلاثين وسبعمائة.
المراجع: