صلةُ نبي الله داود عليه الصلاة والسلام بفلسطين قائمةٌ على أساس أن الله تعالى قد جعله خليفته في أرض بيت المقدس، ويظهر في كونه خليفةً لله تعالى في هذه البلاد أن في ذلك إشارة واضحة إلى تخصيص الله تعالى وإكرامه لهذه البلاد، فهي بهذا محل أنظار الله تعالى ورضوانه منذ زمن بعيد.
وقد اشتُهر أن سيدنا داود عليه السلام هو الذي شرَع في تأسيس المسجد الأقصى، وتُوفي قبل أن يستتمَّ بناءه، وأوصى إلى سليمان عليه السلام بإتمامه، وبعضهم يرى أنه لا يُستبعد أن يكون مثل المسجد الحرام من جهة أن أول من بناه هم الملائكة، لكن الثابت يقينًا في هذا هو أن داود عليه السلام هو الذي قام بتأسيس المعبد -الذي أقيم المسجد الأقصى على طرف منه، وتوفي قبل إكماله.
وقد كانت لنبي الله داود عجائب عند المسجد الأقصى، فمما يُروى أنه قد أصاب الناسَ في زمانه طاعونٌ جارف، فخرج بهم إلى موضع بيتِ المقدس، وروى المؤرخون أنه كان يرى الملائكة تعرُج من هذا البيت المقدس إلى السَّماء، فلهذا قصده ليدعو فيه، فلما وقف موضع الصخرة دعا الله تعالى في كشف الطاعون عنهم، فاستجاب له ورَفَع الطاعون، فاتخذوا ذلك الموضع مسجدًا.
ففلسفة سيدنا داود في التعامل مع هذا البيت الكريم ونظرته له تُوحي أنه كان يُعظِّمه ويبعث في نفوس الناس المعاني المتعددة، ومجملها أن هذا البيت محطُّ أنظار الله تعالى ورضوانه.
وقد ازداد القدس شرفًا على شرفه؛ بأن دُفن فيه نبيٌّ من أنبياء الله تعالى، فإنه لما توفي داود عليه السلام في القدس دُفن بها، ولعل كون سيدنا داود مدفونًا في القدس هو وغيره من السادة الأنبياء الكرام سببًا من أسباب إطلاق الكلمة الشهيرة التي يقولها الناس، وهي: القدس أرض الأنبياء، فإن كثيرًا منهم مع كونه كان يعيش فيها فقد دُفن بها، ومنهم سيدنا داود عليه السلام.
وفي هذا الحرم القدسي من المعالم ما قد أطلق الناس عليه اسم سيدنا داود، فمن المشاهد المعروفة التي يقصدها المسلمون في مدينة القدس: محرابُ داود عليه السلام -يُعرف حاليًّا بمقام داود- ويقع خارج المسجد الأقصى.
المراجع: