قبة الصخرة من العوامل التي يستخدمها العدو في تشويه الصورة الذهنية لدى المسلمين، من جهة ترسيخ صورته في أذهان المسلمين والعرب، على أنه هو المسجد الأقصى؛ ليكون بإمكانهم أن يتحركوا بحرية تامة شيئًا فشيئًا نحو التعدي على المسجد الأقصى الذي هو قضية جميع المسلمين على ظهر الأرض؛ فمعرفة مسجد قبة الصخرة أو مصلى قبة الصخرة مهمة من جهتين؛ الأولى: لتمييز المسجد الأقصى، الثانية: لكونه معلمًا من معالم المسلمين في هذه البقاع الطاهرة المقدسة.
فقبة الصخرة لها مكانة عظيمة جدًّا، وإنها مبنية على بيت مكون من أربعة أبواب على الْجِهَات الْأَرْبَع الْأَصْلِيَّة: الشرق، والغرب، والشمال، والجنوب، وهي: الباب القبليّ وباب إسرافيل وباب الصور وباب النساء، والعُمُد التي في قبة الصخرة ثلاثون عمودًا، وقد بُني هذا المسجد على صخرة محيطها: مائة ذراع، يعني 48 مترًا تقريبًا، وهي غير منتظمة الشكل، لا هي مدورة ولا مربعة ولكنها حجر غير منتظم كحجارة الجبل، وقد بنوا على جوانب الصخرة الأربعة أربعة دعائم مربعة: ركن القبة وهو ما يشبه العمود، بارتفاع حائط البيت المذكور، وبين كل دعامتين على الجوانب الأربعة عمودان أسطوانيان من الرخام بنفس الارتفاع، وعلى قمة تلك الدعائم وهذه الأعمدة الاثني عشر بنوا القبة التي تحتها الصخرة، والتي يبلغ محيطها مائة وعشرين ذراعًا، يعني 57 مترًا تقريبًا.
ولمسجد قبة الصخرة قدسية ومكانة إسلامية في نفوس جميع المسلمين؛ لأنه هو الموضع الذي عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم منه؛ فبه الصخرة التي عُرج به صلى الله عليه وسلم من عليها وقدمه فيها؛ ومن هنا استمدت هذه الصخرة مكانتها الرفيعة وقدسيتها الشريفة.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا المسجد حسن الصورة، وقبته بهية المنظر، حتى إن كثيرًا من الناس كان يتمنى أن هذا الشكل لو كان هو شكل المسجد الأقصى، ومن أروع ما قيل في وصفها ما قاله ابن بطوطة عنها: "هي من أعجب المباني وأتقنها وأغربها شكلًا قد توفر حظها من المحاسن، وأخذت من كل بديعة بطرف، وهي قائمة على نشز في وسط المسجد يصعد إليها في درج رخام.. والدائر بها مفروش بالرخام أيضًا محكم الصنعة، وكذلك داخلها وفي ظاهرها وباطنها من أنواع الزواقة، ورايق الصنعة، ما يعجز الواصف، وأكثر ذلك مغشى بالذهب؛ فهي تتلألأ نورًا وتلمع لمعان البرق، يحار بصر متأملها في محاسنها ويقصر لسان رائيها عن تمثيلها" اهـ.
فيبدو واضحًا مما ذكرنا أن قبة الصخرة من المقدسات الإسلامية ذات الشأن، وأنها من معالم فلسطين التي ينبغي أن ينتشر التعريف بها وبمكانتها، وأن يُنشر ذلك بين أبناء وربوع الإسلام.
المراجع: